أحدث الموضوعات

تجربة زلزال اليابان



تجربة زلزال اليابان

زلزال اليابان


تجربتي مع اليابان وزلازلها

من بين المخاوف القليلة التي يخاف منها العرب والأجانب المقيمين في اليابان هي الكوارث الطبيعية، والتي من بينها بالتأكيد الزلازل والتسونامي.
ومن أشهر الكوارث التي حلّت على اليابان هو زلزال اليابان الضخم عام 2011 والذي نتج عنه تسونامي اليابان الهائلة التي خلّفت أكثر من خمسة عشر ألف قتيل، وأكثر من ألفي جريح ومفقود. وقد دمّرت التسونامي المفاعل النووي في فوكوشيما والذي بدوره أدى زيادة النشاط الإشعاعي في المنطقة ليتم إخلاء جميع المواطنين منها.

وليس الزالزال تجربة اهتزاز الأرض وحسب، بل إنه يتسبب بقطع الكهرباء والمياه عن المنطقة وفي بعض الأحيان تحدث شقوق هائلة في الأراضي والشوارع مما يتسبب في عجز تام في حركة المرور ويتم إغلاق محطات القطارات وكذلك المطارات مما يجعل الهروب من منطقة الكارثة أمرًا صعبًا للغاية.

ومن الطبيعي لمن عاش هذه التجارب أو سمع عنها أن يخاف أو بمعنى أصح يشعر بالرعب من خوض تجربة مخيفة كهذه قد تنتهي بسلام وقد تُنهي حياته هو شخصيا. وما يخيف أكثر أن هذه الكوارث الطبيعية لا يستطيع أحد التنبؤ بها بدقة، فلا يمكن لوكالة رصد الزلازل في اليابان مثلًا أن تتنبأ بدقة بموعد ومكان ودرجة وقوع كل زلزال. هذا مستحيل. من الممكن التنبؤ بمكانها أو بدرجتها بشكل تقريبي ولكن الوصول إلى المعلومات الدقيقة غير ممكن. كما أنه من غير الممكن التنبؤ بالكوارث الأخرى التي تنشأ عن الزلزال، مثل الحرائق وانهيار المباني وما إلى ذلك.

ومثل هذا الكلام سيشعر أي شخص مُقدم على السفر إلى اليابان بالقلق، ولكنني أقول له لا تقلق : ) ولزيادة الاطمئنان فإنني سأخبركم بتجربتي مع زلازال اليابان التي خضتها في سنة المنحة الدراسية 2018.


زلزالين في تسكوبا

في البداية أود أن أقول: إن الزلازل الصغيرة في اليابان هو أمر طبيعي جدا، وقد يصل لتجربة شبه يومية في بعض مناطق اليابان، والزلازل الصغيرة نوعًا ما تكون غير مؤذية وبدون خسائر في معظم الأوقات، لذلك عليكم ألا تقلقوا من تجربة كهذه : ).

كانت تجربتي الأولى من نوعها عندما كنت أقضي ليلة في بيت إحدى صديقاتي في تسكوبا، وكنا نائمين بعد يوم سفر طويل، ونومًا متأخرا أيضا، وجاء زلزال صغير، استمر لنصف دقيقة تقريبًا، كنت نائمة وأشعر بالدوار في نفس الوقت، مما جعلني أقول لصديقتي النائمة بجانبي: لا تهزّيني هكذا لأنني أشعر بالدوار! 😂 ضحكت وقالت: أنا لا أهزّك! إنه زلزال يا حبيبة! فظلت أردد وأنا شبه نائمة: زلزال؟ سبحان الله.. سبحان الله.

وبعد استيقاظنا قصّوا علي ما حدث وهم يضحكون على ردة فعلي : ). بالمناسبة تكون درجة هذه الزلازل حوالي 3 درجات أو 2 على مقياس اليابان.

المهم، المرة الثانية جاءت في اليوم الثاني، ولكنها كانت في الصباح، قبل مجيئ الزلزال مباشرة شعرت بحشرجة قادمة من بعيد جدا، مما جعل كل شعرة في جسمي تقف ذعرًا، ونظرت إلى صديقتي الجالسة إلى جانبي نظرة استغاثة، كانت تنظر إلى نفس النظرة وعندما أمسكنا بيد بعض جاء الاهتزاز، اهتز كل شيء حولنا لمدة أقل من نصف دقيقة، كنت خائفة جدا وقلقة جدا لأنني أول مرة أعيش هذا الاهتزاز المريع!

بعد انتهاء الزلزال تنفسنا الصعداء وابتسمنا لبعضنا البعض وحمدنا الله أن لم يحدث شيء. الحمدلله حقا على النجاة. فالإنسان يظن أثناء اهتزاز كل شيء حوله بهذه الطريقة بالخوف من انهيار أي شيء فوقه أو انشقاق أي شيء من أسفله!

ثم عندما ينتهي كل شيء يشعر براحة كبيرة لنجاته، وهذا جعلني أتذكر موقف الإنسان عندما يواجه شدة ويستغيث بالله ثم إذا نجّاه الله عاد إلى حاله القديم كأن لم يحصل شيء!

وبالمناسبة الزلزال يأتي قبله بثوان إحساس أو إنذار بالخطر يشعر به بعض الناس والحيوانات أيضا، وهذا ما يجعل الإنسان يقف بخوف ويتلفت حوله أو الحيوان يركض في كل اتجاه بلا هدف أو يذهب للاختباء في أي مكان، (وهذه ظاهرة شهد بها مربّي الحيوانات الأليفة حيث يفعلون ذلك دائما قبل الزلزال)

زلزال في أوساكا

تجربتي الثانية كانت في يوم 18 يونيو، عام 2018، تحديدا الساعة 7:58 صباحًا، كنت لتوّي قد استيقظت من النوم وأجلس على سريري أتصفح هاتفي المحمول بلا هدف محدد، وأنوي القيام بعد قليل لدخول الحمام. فجأة فوجئت بإنذار على الهاتف المحمول:



وبعده مباشرة بدأ اهتزاز قوّي يرجّ جدران الغرفة، هببتُ بفزع أركض إلى الباب وأنا أتذكر كلمات أستاذتي اليابانية وهي تنصحني عند حدوث زلزال أن أخرج من المكان خشية أن ينشق السقف مثلا أو يزيد الحمل على باب الغرفة فلا أستطيع فتحه بعد ذلك، لكنني نظرت إلى نفسي، هل سأخرج هكذا؟😂 ركضت إلى إسدال الصلاة وارتديته، كنت أمشي خطوة وأشعر بالأرض تميد من تحتي وعندما أستند إلى الجدران أجدها تهتز حتى تكاد تُسقطني على الأرض!

عندما أكملت ارتداء إسدالي وجدت الاهتزاز يقف فتنهدت براحة بالغة وجلست على سريري بقدمين مرتجفتين، بعد ثوان وجدت جرس الباب يرن، فتحت لأجد زميلتي في المنحة الدراسية وفي السكن أيضا تطمئن علي، كان يبدو على وجهها آثار النوم، يبدو أن الزلزال أيقظها مرعوبة : ).. 

اطمئننا على بعضنا البعض، وبعدها بدأت رسائل على هاتفي المحمول تصل، إنها أستاذتي اليابانية وجامعتي تطمئن علي كذلك، ولا عجب فقد كان هذا أقوى زلزال من نوعه في أوساكا منذ الزلزال العظيم الذي حصل في عام 1995.

زالزال هذه المرة كان مركزه في شمال أوساكا، وبدرجة 6 ضعيف في مقياس شيندو(مقياس الزلازل الياباني)، ومنطقة شمال أوساكا هي من أحست به بقوة، وقد انقطعت الكهرباء والغاز عن 170 ألف منزل ومبنى فيها. وتوفي 5 أشخاص على الأقل في حين أصيب أكثر من 408 شخص. 

وقد أرسلت لي الجامعة رسالة تفيد بأن اليوم إجازة بسبب تعطّل بعض القطارات مما يجعل حركة المرور صعبة على الطالبات اللواتي تستعمل القطار.

هذا فيديو يبين كيف كانت الاهتزازت قوية في محطات بعض القطارات: هنا

فرحت بالإجازة لكنني حزنت على الضحايا عندما فتحت التلفاز وعرفت الأخبار. ولكنني حمدت الله على أن منطقتي بعيدة نوعا ما عن مركز الزلزال ولهذا لم تنقطع عندي المياه ولا الكهرباء وأكملت يومي بشكل طبيعي.


زالزال في امتحان الـJLPT

ومن المواقف الطريفة أيضا في أثناء امتحان الـJLPT (وهو امتحان لقياس قدرات اللغة اليابانية)

أحسسنا قبل بدء الامتحان بهزّات ملحوظة وقوية نوعا ما حيث كانت الطاولة التي أمامي تهتز بشكل واضح، تلفتت الطلاب حولي لبعضهم البعض في قلق وانتهى الاهتزاز في ثوان معدودة، ابتسم المراقب علينا قائلا: هل أنتم بخير؟ إنه زلزال نعم! وسنكمل الامتحان. 😂

ضحكنا قائلين: نعم نحن بخير، ثم وُزعت علينا الأوراق وامتحننّا كأن لم يكن هناك شيء : ) 

وبعد هذه التجارب أصبح الزلزال ليس شيئا مخيفا لهذه الدرجة ^^ فاليابان ولله الحمد تتخذ إجراءات الحماية من الزلازل حيث تبني مبانيها بشكل مضاد للزلازل، وقبل حدوث الزلزال بثوان يُرسل تحذير على كل الهواتف مثل الأعلى. صحيح أن صوت الإنذار مخيف أكثر من الزلزال نفسه في بعض الأحيان : ) لكن من الضروري وجود هذه التحذيرات.

وأسأل الله أن يحفظنا ويحفظكم جميعا من كل سوء
أرجو ألا أكون قد أطلت عليكم في حكاية تجربتي
وإذا رغبتم بأي سؤال فأرحب بأسئلتكم وتعليقاتكم في الأسفل ^^







ليست هناك تعليقات

تعليقاتكم دوما تُشجعني، فشكرُا جزيلا لكم