أحدث الموضوعات

عندما تمنيت أن أرجع إلى طفولتي لأدرس في المدارس اليابانية


عندما تمنيت أن أرجع إلى طفولتي لأدرس في المدارس اليابانية 😥

✻✻✻

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دائما ما نشتكي من جودة التعليم في بلادنا، البلاد العربية، وندعو حكوماتنا إلى الاقتداء بالدول المتقدمة من حيث التعليم، ومن بين هذه الدول اليابان، الدراسة في اليابان مميزة جدا، فاليابان تحتل الترتيب الواحد والثلاثون من حيث جودة التعليم عالميا، وهذا تصنيف يُعتبر عالي مقارنة بالدول العربية التي من ضمنها ما خرج خارج التصنيف نهائيا للأسف!

على كل حال، استطعت الحصول خلال فترة إقامتي باليابان على فرصة رائعة لزيارة إحدى المدارس الابتدائية الحكومية فيها، وقد أحببت أن أنقل لكم هذه التجربة التي رأيتها بأم عيني وسمعتها بأذني، وعشتُ أحداثها بكل جوارحي. 

فأرجو أن تستمتعوا بما كتبتُ وتستفيدوا مما تقرأون.

_
ذكريات زيارتي لإحدى المدارس اليابانية الابتدائية في يوم الثلاثاء 6 شهر فبراير 2018.

ذهبتُ إلى زيارة مدرسة ابتدائية يابانية، مع زميلتي في الجامعة
وعندما وصلنا إلى المدرسة وجدنا الحارس يهتف: هل أنتم الطلاب الأجانب الذين ستجرون زيارة اليوم؟ قلنا نعم،
ضغطنا زرًا ثم تلقينا ردا من المدير وأخبرناه بهويتنا فسمح لنا بالدخول، كانت الساعة حوالي الثامنة إلا ربع.

دخلنا إلى مكان تبديل الأحذية فلا يجوز الدخول بنفس الحذاء، لبسنا خفا (مثل شبشب الحمام)
ثم دخلنا إلى المدرسة استقبلنا أحد المدرسين وأرشدنا لغرفة المدير، جاءت سيدة تبدو أنها مقربة من المدير وأعدّت لنا الشاي الياباني
رحّب بنا المدير ترحيبا شديدا وبدأ بإلقاء نكاته الظريفة، فهو شخص يحب المزاح كثيرا : )


ألقى علينا التعليمات وجدولنا لهذا اليوم وسمح لنا بطرح أي أسئلة..
لكننا أخبرناه برغبتنا في تفقد المدرسة قبل الطابور الصباحي فوافق على ذلك
بدأنا بتفقد المدرسة ولأول مرة أرى الطلاب النشيطين الحلويين ^^ 

كنا نمشي خلف الأستاذة، ولذلك كلما قابل الطلاب الأستاذة أحنوا رؤوسهم وألقوا تحية الصباح، فترد عليهم الأستاذة بابتسامة واسعة ومعهم أنا، مع أنني لا دخل لي😂😂

مر الوقت سريعًا، وحان وقت الطابور الصباحي، شعرتُ بحماس شديد وأنا أرى جميع الصفوف يصطفون في ساحة كبيرة وكلهم يرتدون قبعة صفراء.
كان الجو شديد البرودة، وضعتُ يدي في جيبي، نبهتني الأستاذة قائلة: 
ممنوع أن تضعي يدك في جيبك، ألا ترين أن لا أحد من الطلاب أو الأساتذة يضع يده في جيبه؟

تأملتُ الجميع فوجدت ما قالت صدقًا، أخرجت يدي التي تُوشك على التجمد خارج جيبي، فقد كانت درجة الحرارة تُقارب الصفر، وعندما سألت المدير في نهاية اليوم عن ذلك أخبرنا بأن وضع اليد في الجيب له معنى سيء عند اليابانيين، فمن يضع يده في جيبه يعني أنه يرى نفسه فوق الجميع، كما أنه يمثل خطرا إن كان الشخص يمشي وفجأة توقف واحتاج استعمال يده فلن يتمكن من ذلك وربما يتسبب بحادثة.

كانت مجموعة من الطلاب تُلقي بضع تعليمات للطلاب عن أشياء في المدرسة مثل (ترشيد استعمال المياه والصابون)، (تعليمات استخدام المكتبة) وإلى آخرها.
ثم جاء دورنا أنا وزميلتي، وقفت أمام المايكروفون وكان علي أن ألقي تحية بلغتي العربية أولا ثم أترجمها للغة اليابانية، وفعلت ذلك.

بعد كل كلمة يقولها شخص أمام المايك يقف طالب ويقول: 気を付け انتباه
ثم يقول: 礼 انحناء
ويقومون جميعا بالانحناء انحناءة بسيطة، وهذا ما فعلوه أيضا بعد انتهائنا من كلمتنا.

بعد ذلك صعد الطلّاب إلى فصولهم، وتوجهنا نحن أيضا إلى فصل الصف الأول الشُعبة 1،
 كانت الأستاذة تتكلم عن موضوع سقوط ضروس الأطفال اللبنية.

وقف طالب في الصف الأول لطيف جدا ^^ وحكى قصته أنه بالأمس سقط سنّه،  يبدو أن كل واحد يقول خبرًا بسيطا عن نفسه أو ما شابه ثم جاءت فقرة الأسئلة، ظننتُ أنه لأنها فقرة أسئلة فلن يرفع الكثير أيديهم!

لكن فوجئت بأن الفصل كله رفع يده، اختار الطالب أحدهم فقامت طالبة تسأله: هل تفاجأت عندما خُلعت سنّك؟ 
ضحك الطالب قائلا: لا،

وانتهت الفقرة، استغربت كثيرا كيف أنهم اكتسبوا القدرة على طرح موضوع وشرحه 
واكتسب بقية الطلاب قدرة الاستماع وقدرة طرح الأسئلة مع أنهم لازالوا في السابعة من أعمارهم.

قام طالب آخر ليقول خبرا عن نفسه، فقال: البارحة حللتُ كل واجباتي، يا له من خبر بسيط وبريء ^^

جاءت فقرة الأسئلة مجددا، فقال الطالب: يامازاكي سان، قامت يامازاكي لتقول: هل واجهت مشكلة وأنت تحلّ واجباتك؟ (أو سؤال شبيه بذلك)

فقال الطالب ببراءة وابتسامة: لا لم أواجه مشكلة في حل واجباتي.

وانتهت الفقرة وصفق بقية الطلاب لهم، كانت تلك الحصة حصة اللغة اليابانية 国語 
وكان موضوع اليوم هو الضروس التي تُخلع في العالم ماذا يفعلون بها؟

وسألت المعلمة العديد من الطلبة ماذا تفعلون بأضراسكم التي خُلعت؟
أجاب بعض الطلبة أنه يدفنها في الأرض، أو يضعها تحت مخدته ليستيقظ ويجدها مالا،

في اليابان يبدو أنها إن كانت سنا من الضروس السفلية فإنهم يرمونها في الهواء أو يضعونها فوق سطح منزلهم 
(شيء أشبه بذلك لم أسمع جيدا)
 وسبب ذلك لأنها ضرس سفلية فيجعلونها تتوجه للأعلى لكي تكبر الضرس السفلية القادمة بسرعة
أما الضروس العلوية فإنهم يدفنونها تحت عتبة منازلهم.

واستعرضت المعلمة بعض دول العالم وماذا يفعلون في ضروسهم التي خُلعت.
كانت حصة ممتعة حقا ^^ وشعرتُ بإعجاب شديد بمستوى الحصة لأطفال في السابعة.
(ليست مواضيع سخيفة مثلا أو أشياء تافهة)  ولوهلة تساءلت في نفسي إن كان هذا مستوى الصف الأول فكيف بقية الصفوف؟
توجهنا إلى فصل آخر، كان الصف الأول أيضا ونفس المادة، لكن الأستاذ هذه المرة كان رجلا،

بالمناسبة المدارس الابتدائية أستاذ الفصل يكون أستاذا لمدة سنة كاملة، ويعلمهم جميع المواد من أول الرياضيات إلى اللغات والرياضة والعلوم والجغرافيا وكل شيء!

بل وإنه في بداية السنة الدراسية يذهب أستاذ الفصل ليزور بيوت طلّابه طالبا طالبا (في الفصل حوالي 30 طالبا) يقضي ربع ساعة أو أقل في بيت كل واحد منهم.

ليتعرف على أسرهم وعائلاتهم ويعرف الجوّ الذي يعيش فيه الطالب، ولتتعرف أيضا (أسرة الطالب) على المدرس الذي سيدرس ابنهم لمدة سنة كاملة!
وهذا يستمر إلى المدرسة المتوسطة تقريبا.
لكن في المدرسة الثانوية لا يحدث ذلك، (التعليم الإلزامي في اليابان هو الابتدائية والمتوسطة فقط)

هذه المرة كان هناك قصة يقرأها الطلاب، ويختارون الجملة أو الكلمة التي أعجبتهم من القصة، ثم يقفون أمام الفصل كله ليقولونها بصوت عال.
وكان التصفيق بعدها لهم.

كانت هناك لائحة تعليمات معلّقة في الفصل، بعدم ارتداء القفازات أو المعاطف أو الشالات في الفصل، وعدم الأكل بطبيعة الحال أثناء الحصة.

ثم توجهنا إلى الصف الرابع، كان هناك أيضا أستاذ رجل، هذه المرة بدى أسلوبه مختلفا بالكامل، فقد كان حاد النظرات، يتحدث لهجة أوساكا، شاغب طفل بريء في الفصل فنظر له هذا المدرس نظرة حادة قائلا: مزعج!

كانت المادة (علم الاجتماع) أو علم المجتمع، تحدث الأستاذ عن موضوع حفل البلوغ 成人式
وهو مناسبة تُقام في اليابان في شهر 1 يوم 8 يناير من كل سنة، يحتفلون فيها بكل الشباب والشابات الذين بلغوا العشرين من عمرهم.
(هذا لأن الذين تحت سن العشرين يعتبرون تحت السن القانوني، ولا يُسمح لهم بشرب الخمر أو السجائر، وتخفف عنهم العقوبات إذا فعلوا جريمة ما لأنهم يُعتبرون غير راشدين)

وكان هذا الموضوع أيضا موضوعًا كبيرا في رأيي على أطفال في الصف الرابع ابتدائي! لكن على كل حال استمتعت للأستاذ الذي يتكلم ويقول أن في هذا الحفل يرتدي الفتيان بدل رسمية أو اللباس التقليدي الياباني، والبنات يرتدين الكيمونو، ويتزينون بمساحيق التجميل.

سأل الطلاب الأستاذ ماذا كنتِ ترتدي؟ قال كنت أرتدي بدلة عادية.

ثم تحدث عن مشكلة الهيجان التي تلي ذلك الحفل، فهناك كثير من الفتيان الذين بلغو العشرين في ذلك اليوم يقومون بتصرفات همجية ويشاغبون في المدينة بطريقة لا تدل على أنهم راشدين، وسأل الطلاب لماذا يفعلون ذلك؟

هل يمكن لطالب في الصف الرابع ابتدائي أن يفهم مثل هذا الموضوع؟!
لا بأس، فهناك الإجابات التي خرجت من الطلاب، تدل على قدرتهم على التفكير المنطقي وإن كان الكثير من تلك الأفكار غير منطقي : )

انتقلنا بعد ذلك إلى الصف الثالث أيضا، كانت حصة العلوم، وكانوا يقومون بتجربة كيف أن المغناطيس ينجذب للحديد.
كانت تجربة بسيطة جدا والطلاب متحمسين للغاية ^^

وسمحت لهم المعلمة بتجربة المغناطيس على عدة مواد في البداية لكي يفهموا طبيعته.
ثم في نهاية الحصة يقومون بملء ورقة نتائج التجربة، وكأن كل طفل عالم صغير^^

بعدها ذهبنا إلى حصة الرياضة للصف الثاني الابتدائي،
وسمحت لنا المعلمة بالمشاركة مع الطلاب،
بعد تدريبات تحمية قاموا جميعًا بقفز الحبل لعشر دقائق تقريبا
ولكل طالب زميل معه ورقة يكتب فيها مدى قدرته على اجتياز التدريب ونقاط ضعفه والطالب يفعل لزميله المثل..
تخيلوا طلاب الصف الثاني يفعلون ذلك!

لفت انتباهي ملابسهم الخفيفة جدا جدا (نصف كم وشورت قصير) وكل الطلاب يلبسون ذلك!
خلعت معطفي لأستطيع المشاركة معهم، لكن درجة الحرارة كانت تقارب الصفر، وليس هناك في القاعة تكييفات تدفئة أو ما شابه.
كنت أرتدي ثلاث قطع تحت العباءة ورغم ذلك أشعر بالبرد XD فكيف هم؟
سألت أحدهم ألا تشعر بالبرد؟ قال بلى، قلت إذن لم ترتدون مثل هذه الملابس الخفيفة؟
قال: هناك أسباب كثيرة، مثلا من المزعج لأمهاتنا أن تغسل ملابسنا الثقيلة إن كنا سنرتديها، وكذلك إذا ارتدينا ملابس ثقيلة أثناء ممارسة الرياضة قد يُصاب أحدنا بإصابات.
قلت أها، وأنا أتأمل وجوه الطلاب المحمّرة من البرد وشفاههم التي ترتجف.
هذا ليس عدلا فعلا، تأكدت من ذلك عندما رأيت طفلة ترتجف بشكل واضح وتوشك على التجمد، على الأقل فليجعلوهم يرتدون ملابس بكم ثقيلة وبناطيل لتخفيف هذا البرد!
عندما سألت المدير عن ذلك في نهاية اليوم، أخبرنا أن من ثقافة اليابان هو التحمل، والصبر. وهذا لتعويد الأطفال على التحمل والصبر!
وهذا مرتبط طبعا بتاريخ اليابان طريق المحارب أو الساموراي.
يعني سبحان الله، يحبّون تعذيب أنفسهم لأجل طريق الساموراي!
لم تعجبني هذه الثقافة بصراحة.

صحيح أنني وجدت كثيرا من المميزات في المدارس اليابانية لكن كانت هذه بلا شك من أحد العيوب
فلا مبرر لتجعل طفلا يرتجف من البرد ويتعذب لأجل إجباره على التحمل والصبر
خلع المعاطف قبل التدريب هذا ضروري لأن فعلا المعطف يعرقل أثناء الرياضة
لكن أن تصل لنصف كم؟ هذا غير منطقي في جو يهطل فيه الثلج!


الأطفال يجلسون الجلسة الرياضية ويسمعون التعليمات قبل البدء

بعد ذلك شاركنا الأطفال في لعبهم
لعبوا أول لعبة ドッチボールكرة المناورة
طلبت الأستاذة من الطلاب أن يشرحوا لي قوانين اللعبة لأنني لا أفهمها

اجتمع علي الطلاب وهم يتكلمون بصوت واحد وفي النهاية لم أفهم أيضا
ووقفت لا أدري ماذا أفعل مثل الأطرش في الزفة، جميع الأطفال يلعبون ويقفزون
جائت كرة إلي فحاولت التقاطها لكنها صدمت يدي وهربت، فوجئت بالأطفال يقولون: أنت في الخارج!
ماذا فعلت؟ يا إلهي لقد أخرجتُ نفسي من الفريق بيدي!

وقفت بجانب الأطفال الذين في الخارج، حاولت أن أطلب منهم أن يشرحوا لي المزيد من قوانين اللعبة، لكن لا فائدة -_-
الشرح أثناء اللعب لا يُجدي إطلاقا فالطفل يكون متحمسا ولا يملك الوقت لمبتدئة في اللغة مثلي

انتهت الحصة، وقررت الخروج لحضور حصة في الساحة الخارجية (على الرمل)
كانت كرة قدم، سمحت لي الأستاذة بالانضمام لهم شاكرة، وكان الأطفال سعيدون جدا بذلك وكم سررت بسعادتهم
وشرح لي الأطفال لكن هذه المرة عمليا، والحمدلله فهمتُ من تطبيقهم.
كان إحساسا جميلا جدا، كم أود حضور كل حصص الرياضة لجميع الصفوف!

ولسبب ما كان الأطفال ينادونني بأستاذة (سنسيه) قلت لهم أنا لست سنسيه، قالوا لا أنت سنسيه
هذا لأنهم يرونني أكبر منهم بالطبع
وفي خلال لعبي تعثرت وسقطت على الرمل، رغم أنها كانت سقطة مؤلمة لكنني نهضت فورا ولم أسمح لهيبتي أن تذهب أمامهم : )


التعليم في اليابان والمدارس اليابانية
الأطفال يصطفون للعب الكرة على الساحة الرملية وأنا أصطف معهم بانتظار دوري في اللعب ^^


بعد انتهاء حصة الرياضة جاء وقت استراحة الغداء (على الساعة 11:50)
كانت أول مرة في حياتي أرى استراحة الغداء أمامي مباشرة
الأطفال المسؤولون عن إحضار الغداء لفصولهم يرتدون مريلة مطبخ بيضاء وكمامات.
ثم يذهبون إلى مطبخ المدرسة يأخذون أدوات الطعام الخاصة بفصلهم، مع زجاجات الحليب ويعودون. (حتى الصف الأول يفعل ذلك)

أما قدور الطبخ فلا أعلم من يحملها صراحة لكنني عندما دخلت الفصل وجدتها موجودة في الفصل، يقف بعض الأطفال يوزعون حصص الطعام لكل طالب في طبقه.
كل الطلاب يفرشون على طاولاتهم مفرشا صغيرا، وينتظر الجميع حتى يضع الجميع أطباقهم

التعليم في اليابان والمدارس اليابانية
الأطفال يوزعون بنفسهم حصص الطعام على زملائهم (بالدور كل يوم شخصان)


كان الطعم خُبزا وشوربة خضار ولحمة مفرومة بالخضار وزجاجة حليب مع حلوى باردة بالشوكولاته.
كنت سأتناول طعامي أيضا معهم مع نفس الفصل الذي شاركتهم حصة الرياضة قبل قليل.
ولكي يتقرر من سأجلس بجانبه قام الأطفال بلعبة حجر ورقة مقص (كل الأطفال كانوا متحمسين لأتناول وجبتي في فصلهم)
ثم جلست في نهاية الفصل بجانب مجموعة ظريفة ^^

التعليم في اليابان والمدارس اليابانية
هذه كانت وجبتي البسيطة _أزلت شوربة اللحم والخضار لأنهما ليسا حلالا_

ولا يزال الأطفال ينادونني بسنسيه، قلت لهم: لماذا تنادوني سنسيه؟ قالت الطفلة: لا تشغلي بالك يا سنسيه : )
الجميع تناول طعامه حتى أنهاه، بل وإنهم يتسابقون أيضا لإنهاء المتبقي في القدر إن كان هناك بقية
بعد ذلك يأتي دور التنظيف الجميع يتعاون ليجعل جميع الطاولات في نهاية الفصل
ثم تقوم مجموعة بجمع الأطباق والمعالق التي أكل بها، وزجاجات الحليب ويُعيدونها لأماكنها مع القدور، ومجموعة أخرى تنظف الفصل وتمسحه، ومجموعة تنظف حمامات المدرسة، ومجموعة تنظف ممرات المدرسة (حتى سنة أولى يفعلون ذلك لكن ليس بنفس الإتقان بالطبع)

وعرفت أنهم يقومون بتنظيف جميع المدرسة من أولها لآخرها في هذا الوقت بعد تناولهم الغداء (ماشاء الله على النشاط)
لكنهم في بيتهم لا يفعلون شيئا (يا لخيبة الأمل! : )

أثناء فترة التنظيف قمت بعمل جولة مع أستاذة تطوعت لمرافقتي
مع أن المدير عرض علينا الجلوس في غرفته حتى انتهاء فترة التنظيف لكنني كنت أريد التحدث مع الأطفال
ذهبت إلى فصل سنة أولى، ظل الأطفال ينظرون إلي بتطلع،
قال لي أحدهم: أنت نينجا؟
 ضحكت وقلت : لا، لكنه لم يصدق وقال لي: أخرجي الشوريكن، هل معك واحدة؟ ضحكت أكثر وقلت لا،

شوريكِن: أداة حادة على شكل نجمة أو سِكِّين تُرمَى على الخصم (فن من فنون النينجا)؛ (قاموس ريوكاي)

قال لي أنتِ من أين؟
قلت أنا من مصر، قال أها تلك التي فيها الأهرامات، قلت نعم، قال أتعلمين أنا ذهبت إلى مصر قبل ذلك
قلت أوه هذا مذهل قال: وتسلقت الأهرامات أيضا، ضحكت أكثر وأنا أعلم أنه يكذب : )
لكن هكذا هم الأطفال خيالهم واسع ^^

استمتعتُ بالتحدث معهم، ثم حان وقت العرض الذي سأفعله لسنة رابعة ابتدائي
حان وقت العرض الذي من المفترض أن أقدمه لطلاب سنة رابعة،
دخل الفصلان كل فصل مع أستاذه، والأستاذان كانا رجلان، كان الجميع يجلس جلسة معينة لكي يأخذوا نفس المساحة
من يجلس مُربعا أو يغير جلسته يأتي الأستاذ ليعدّل الجلسة بيديه وينظر له نظرات تحذير.
زميلتي بدأت العرض قبلي، بعد العرض حانت فقرة الأسئلة، من يريد السؤال يرفع يده بأدب وعندما يُؤذن له يقف باحترام
وعندما حان وقت عرضي كنت متوترة لأني أصلا في ذلك اليوم نسيت إدخال العرض في الUSB، ثم أنقذتني الأستاذة المُشرفة علي لأني كنتُ قد أرسلت العرض لها على اللاين في يوم البارحة.
لكن العرض الذي أرسلته لها كان مفتقدا للتعديلات، الخلاصة أن الأمر لم يكن كما خططت.
لكن حاولت تعويض ذلك بالشرح البسيط الذي سأقدمه لهم.

التعليم في اليابان والمدارس اليابانية
في أثناء العرض عرضت عليهم الخريطة وسألتهم عن مكان مصر وقد أجابوا بشكل صحيح 


عندما جاءت فقرة الأسئلة أعجبتني الكثير من الأسئلة التي تدل على ذكاء الأطفال
وهناك الكثير من الأسئلة التي يكون مصدرها ما أرتديه (النقاب XD)
مثل: هل تشعرين بالحر عند ارتدائه؟ هل تستطيعين التنفس؟ هل تخلعينه وأنت في البيت؟
وهناك الكثير من الأسئلة المضحكة والذكية أيضا: هل لديكم مدارس في مصر؟ كم عدد الحصص؟ كم عدد سنوات الدراسة؟ ما هو أكثر طعام ياباني أحببته؟
وإلخ إلخ، حقا أسئلة الأطفال ليس لها نهاية

في الحقيقة وددت لو أظل أسمع أسئلتهم كلها وأجاوبهم عليها
لكن هم أيضا يجب عليهم العودة إلى منازلهم عند انتهاء الحصص

بعد ذلك جلسنا لمدة نصف ساعة في مكتب المدير لنسأله الأسئلة التي نريد
وهو أجاب عنها بكل صبر أيضا، أعجبتني كلمة قالها: الأطفال هم كنز اليابان، لذلك يجب علينا الاعتناء بهم.

كان حقا يوما ممتعا جدا، قضيت فيه الكثير من الوقت مع الأطفال الذين أحبّهم
شاكرة كثيرا لتلك الأستاذة التي عملت بجد لكي تطلب من مدير المدرسة أن يسمح بزيارتنا
كذلك شاكرة لجميع الأساتذة الذين رحبوا بنا في فصولهم
وكذلك شاكرة لجميع الأطفال الذين سمحوا لي بالدخول في لعبهم
سوف أحنّ كثيرا إلى قضاء مثل هذا اليوم مجددا 


ليست هناك تعليقات

تعليقاتكم دوما تُشجعني، فشكرُا جزيلا لكم